"يريد: وإنَّ ربَّهُ على ذلك لشهيد" (1).
وقيل: وإنَّ الإنسان لشهيدٌ على ذلك، إن أنكره بلسانه شَهِد به عليه (2) حاله (3).
ويؤيِّد هذا القول اتِّسَاقُ الضمائر، فإنَّ قوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)} للإنسان، فافتتحَ الخبرَ عن الإنسان بكونه كَنُودًا، ثُمَّ ثنَّاهُ بكونه (4) شهيدًا على ذلك، ثُمَّ ختمَهُ بكونه بخيلاً بماله لحُبِّهِ إيَّاهُ.
ويؤيِّدُ قولَ ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه أتى بـ"على" فقال: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)} أي: مطَّلِعٌ عالمٌ به، كقوله تعالى: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)} يونس: 46، ولو أُريد شهادةُ الإنسان لأَتَى بـ"الباء"، فقيل: وإنَّه بذلك لشهيدٌ؛ كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} التوبة: 17، فلو أراد شهادةَ الإنسان لقال: وإنَّه على نفسه لشهيد، فإنَّ كُنُودَه هو المشهودُ به، ونفسه هي المشهودُ عليها.