{وَإِذۡ نَجَّيۡنَٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ} (49) 40بعدئذ يمضي يعدد آلاء الله عليهم ، وكيف استقبلوا هذه الآلاء ، وكيف جحدوا وكفروا وحادوا عن الطريق . وفي مقدمة هذه النعم كانت نجاتهم من آل فرعون ومن العذاب الأليم : ( وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ، يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم . وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ) . . إنه يعيد على خيالهم ويستحيي في مشاعرهم صورة الكرب الذي كانوا فيه - باعتبار أنهم أبناء هذا الأصل البعيد - ويرسم أمامهم مشهد النجاة كما رسم أمامهم مشاهد العذاب . يقول لهم : واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون حالة ما كانوا يديمون عذابكم ، من سام الماشية أي جعلها سائمة ترعى دائما وكأن العذاب كان هو الغذاء الدائم الذي يطعمونهم إياه ! ! ثم يذكر لونا من هذا العذاب . هو تذبيح الذكور واستيحاء الإناث . كي يضعف ساعد بني إسرائيل وتثقل تبعاتهم ! وقبل أن يعرض مشهد النجاة يعقب بأن ذلك التعذيب كان فيه بلاء من ربهم عظيم . ليلقي في حسهم - وحس كل من يصادف شدة - أن إصابة العباد بالشدة هي امتحان وبلاء ، واختبار وفتنة . وأن الذي يستيقظ لهذه الحقيقة يفيد من الشدة ، ويعتبر بالبلاء ، ويكسب من ورائهما حين يستيقظ . والألم لا يذهب ضياعا إذا أدرك صاحبه أنه يمر بفترة امتحان لها ما بعدها إن أحسن الانتفاع بها . والألم يهون على النفس حين تعيش بهذا التصور وحين تدخر ما في التجربة المؤلمة من زاد للدنيا بالخبرة والمعرفة والصبر والاحتمال ، ومن زاد للآخرة باحتسابها عند الله ، وبالتضرع لله وبانتظار الفرج من عنده وعدم اليأس من رحمته . . ومن ثم هذا التعقيب الموحى : ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم )