فِي) ظَنِّهِ أَنَّهُ مَازِحٌ لَاعِبٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَتْلُهُ. وَإِنْ غَلَبَ فِي ظَنِّهِ أَنَّهُ قَاصِدٌ قَتْلَهُ، كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ. فَكَانَ حُكْمُ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى قَتْلِهِ مَنُوطًا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَإِذَا جَازَ الْحُكْمُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي مِثْلِهِ فَمَا دُونَهُ أَحْرَى بِجَوَازِ ذَلِكَ فِيهِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا: أَنَّ أَحْكَامَ الشَّرْعِ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مُسْتَدْرَكَةً مِنْ طَرِيقِ النَّصِّ وَالِاتِّفَاقِ، أَوْ مِنْ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ.
وَمِنْ جِهَةِ مَعَانٍ مُودَعَةٍ فِيهَا يَجِبُ اعْتِبَارُ الْأَحْكَامِ بِهَا، فَلَمَّا وَجَدْنَا الْأُمَّةَ مُتَّفِقَةً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَرِدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَشْخَاصٍ بِأَعْيَانِهَا، فِي أُمُورٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْحُكْمُ جَارِيًا فِي أَغْيَارِهَا (لِمُشَارَكَتِهَا) لَهَا فِي مَعَانِيهَا. نَحْوُ قَوْلِهِ: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} الإسراء: 23 عُلِمَ بِهِ النَّهْيُ عَنْ السَّبِّ وَالضَّرْبِ. وَنَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} النساء: 49 وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} النساء: 124 وَنَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ} آل عمران: 75 فَلَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ (بِهِ) مَقْصُورًا بِهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ