وقال أبو حنيفة: لا يجوز المن والمفاداة، ويجوز القتل (على سبيل المصلحة) (1) والاسترقاق. وقال أبو يوسف، ومحمد: لا يجوز المن، وتجوز المفاداة، والقتل والاسترقاق. فإن اختار أن يسترقه، وكان من عبدة الأوثان، ففيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي سعيد الاصطخري أنه لا يجوز استرقاقه (2).= - وإن رأى المنّ عليه جاز، بقوله عز وجل: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} ولأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (منّ على أبي عزة الجمحي، ومنّ على ثمامة الحنفي، ومنّ على أبي العاص بن الربيع)، أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن المسيب مطولًا، السنن الكبرى 9: 65، والمجموع 18: 89 - 90. - وإن رأى أن يفادى بمال، أو بمن أسر من المسلمين، فادى به، لقوله عز وجل: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}. وروى عمران بن الحصين رضي اللَّه عنه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فادى أسيرًا من عقيل برجلين من أصحابه، أسرتهما ثقيف، أخرجه مسلم في صحيحه مطولًا، وأحمد، والترمذي. - وإن رأى أن يسترقه، فإن كان من غير العرب نظرت: فإن كان ممن له كتاب، أو شبه كتاب استرقه، لما روى عن ابن عباس أنه قال في قوله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} سورة الأنفال/ 67 وذلك يوم بدر، والمسلمون يومئذٍ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم، أمر اللَّه عز وجل في الأسارى: فإما منّا بعد وإما فداء، فجعل اللَّه سبحانه وتعالى للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين في أمر الأسارى بالخيار، إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا استعبدوهم، وإن شاؤوا فادوهم، أخرجه البيهقي من حديث علي بن أبي طلحة 9: 68/ والمهذب 2: 237. (1) (على سبيل المصلحة): في أوساقطة من ب، جـ. (2) لأنه لا يجوز إقراره على الكفر بالجزية، فلم يجز الاسترقاق كالمرتد.