السواد، عبيد من غلبنا، فقال لهم رستم: صدقكم الرجل. قال الرفيل: ورأى رستم بالدير أن ملكا هبط من السماء حتى دخل عسكر فارس، فأخذ سلاحهم فختم عليها، ثم رفعها، فأصبح كئيبا، وقد أيقن أن ملكهم قد ذهب، ثم ارتحل حتى نزل النجف فعادت عليه الرؤيا، فرأى ذلك الملك ومعه النبى صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فأخذ الملك سلاح أهل فارس فختمه، ثم دفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فدفعه النبى صلى الله عليه وسلم إلى عمر، فأصبح رستم وقد ازداد جزعا، فلما رأى الرفيل ذلك رغبه فى الإسلام فأسلم، وما كان داعيته إليه إلا ذلك.
وكان رستم قد أرسل إلى قابوس بن المنذر، وقال بعضهم: ابن النعمان بن المنذر:
اكفنا ما كانت آباؤك تكفينا من العرب، وعقد له على أربعة آلاف وقدمه إلى العذيب، فلما قدم سعد بن أبى وقاص بين يديه زهرة بن الجوية يرتاد له منزلا، قدم زهرة أمامه بكر بن عبد الله الكنانى، وقال بعضهم: عبد الله بن بكير، فانتهى إلى العذيب، ووافاه زهرة هنالك، فطرقوا قابوس بياتا فى حصن العذيب فقتلوه وتفرق أصحابه منهزمين، حتى وصلوا إلى رستم، هكذا ذكر المدائنى.
وفى كتاب سيف «1» : أن الآزاذمرد بن الأزاذبة هو الذى بعث قابوس إلى القادسية، وقال له: ادع العرب، فأنت على من أجابك، وكن كما كان آباؤك، فلما نزل القادسية كاتب بكر بن وائل بمثل ما كان النعمان يكاتبهم به مقاربة ووعدا، فلما انتهى خبره إلى المعنى بن حارثة أسرى من ذى قار حتى بيته فأنامه ومن معه، ثم رجع، فخرج إلى سعد ابن أبى وقاص بزوجة المثنى ووصيته، وهذا الوجه الذى خرج إليه هو الذى شغله عن تعجيل القدوم على سعد بوصية أخيه، حسب ما ذكرناه قبل.
وعن كريب بن أبى كرب العكلى، وكان فى المقدمات أيام القادسية، قال: قدمنا سعد من شراف، فنزلنا فى عذيب الهجانات ثم ارتحل، فلما نزل علينا، وذلك فى وجه الصبح، خرج زهرة بن الجوية فى المقدمات، فلما رفع لنا العذيب، وكانت من مسالحهم، استبنا على بروجه ناسا، فما نشاء أن نرى على برج من بروجه رجلا أو بين شرفتين إلا رأيناه، وكنا فى سرعان الخيل، فأمسكنا حتى تلاحق بنا كثف، ونحن نرى أن فيها خيلا، ثم أقدمنا على العذيب، فلما دنونا منه، خرج منه رجل يركض نحو القادسية، فانتهينا إليه، فدخلنا فإذا ليس فيه أحد، وإذا ذلك الرجل هو الذى تراءى لنا على البروج وبين الشرف مكيدة، ثم انطلق بخبرنا، فطلبناه فأعجزنا، وسمع بذلك زهرة