وجبنوا عنه، فكان أول من دخله بجيشه هاشم، فلما جاز ألاح للناس بسيفه، فعرف الناس أن ليس به شىء يخافونه، فأجاز بهم خالد بن عرفطة، ثم لحق سعد بالناس حين انتهوا إلى جلولاء وبها جماعة من الفرس، فكانت وقعة جلولاء بها، فهزم الله الفرس وأصاب المسلمون بها أفضل مما أصابوا بالقادسية، وأصيبت ابنة لكسرى، يقال لها:
منجانة، ويقال: ابنة ابنه، وقال شاعر من المسلمين:
يا رب مهر حسن مطهم
... يحمل أثقال الغلام المسلم
ينجو إلى الرحمن من جهنم
... يوم جلولاء ويوم رستم
ويوم زحف الكوفة المقدم
... ويوم لا فى حتفة مهزم
وخر دين الكافرين للفم
وفى كتاب المدائنى عن أبى وائل قال: هزمناهم، يعنى يوم القادسية، حتى انتهوا إلى الفرات فقاتلونا عليه، فهزمناهم حتى انتهوا إلى الصراة فقاتلونا عليها، فهزمناهم حتى انتهوا إلى المدائن فدخلوها ونزل المسلمون دير السباع، فجعلنا نغاديهم فنقاتلهم، فقال المسلمون: هؤلاء فى البيوت ونحن فى الصحراء، اعبروا إليهم فعبرنا إليهم فحصرناهم فى الجانب الشرقى حتى أكلوا الكلاب والسنانير، فخرجوا على حامية معهم الأثقال والعيال حتى نزلوا جلولاء الوقيعة، وتبعناهم فقاتلوا بها قتالا شديدا عن العيال والذرارى، فجال المسلمون جولة فناداهم سعد: يا معشر المسلمين، أين أين أما رأيتم ما خلفكم؟ أتأتون عمر منهزمين فعطفوا، وهزم الله المشركين، وسميت جلولاء الوقيعة فتح الفتوح، وسيأتى ذكر فتح جلولاء والمدائن على التمام بعد انقضاء بقايا الأخبار عن شأن القادسية ومغانمها إن شاء الله تعالى.
قال الشعبى: بلغ الفىء بالقادسية ستمائة ألف ألف، وكان خمسها عشرين ومائة ألف ألف، وكان الملك يزدجرد بن كسرى قد حمل نصف الأموال إلى أهل فارس بالقادسية ليتوردوا بها بلاد العرب، وليغزوا عمر، رضى الله عنه، فى داره وقراره، فعل مقتدر مغرور، وأمر الجنود أن يحضروا الحرب بأموالهم، وأن يختلفوا ليكون أجد لهم فى الامتناع والمخاطرة لدنياهم، فاجتمعت معهم من الأموال والزين والشارات على قدر أحسابهم ما لا يحصى، وكان سبب ذلك ما قضى الله عز وجل، للمسلمين، فساقه إليهم، وكان يزدجرد قد استبقى النصف من الأموال وأقره فى بيت المال على حاله، فأفاءه الله على المسلمين يوم المدائن.
وذكر المدائنى أن المسور بن مخرمة أصاب يوم القادسية أبريق ذهب عليه ياقوت،