وقال الكلج الضبى: كنت فيمن خرج للطلب، فإذا أنا ببغالين قد ذبا الخيل عنهما بالنشاب، فما بقى معهما غير نشابتين، فالتظظت بهما، فاجتمعا، وقال أحدهما لصاحبه: ارمه وأحميك، أو أرميه وتحمينى، فحمى كل واحد منهما صاحبه حتى رميا بهما. ثم إنى حملت عليهما فقتلتهما، وجئت بالبغلين ما أدرى ما عليهما، حتى بلغتهما صاحب الأقباض، فإذا هو يكتب ما يأتيه به الرجال وما كان فى الخزائن والدور، فقال:
على رسلك حتى ننظر ما معك فحططت عنهما، فإذا سفطان على أحد البغلين فيهما تاج كسرى مفسخا، وكان لا تحمله إلا أسطوانتان، وفيهما الجوهر، وعلى الآخر سفطان فيهما ثياب كسرى التى كان يلبس من الديباج المنسوج بالذهب المنظوم بالجوهر وغير الديباج منسوجا منظوما.
قالوا «1» : وخرج القعقاع يومئذ فى الطلب، فلحق بفارسى يحمى الناس، فاقتتلا فقتله القعقاع، وإذا معه جنبية عليها عيبتان وغلافان فى أحدهما خمسة أسياف وفى الآخر ستة، وفى العيبتين أدراع، درع كسرى ومغافره وساقاه وساعداه، ودرع هرقل، ودرع النعمان، ودرع داهر، ودرع سياوخش، ودرع بهرام شوبين، وكانوا استلبوا ما لم يرثوا منها، مما استلبوا أيام غواتهم خاقان وهرقل وداهر، وأما النعمان وبهرام فحين هربا وخالفا كسرى. وفى أحد الغلافين سيف كسرى وهرمز وكسوتى قباذ وفيروز، وفى الآخر سيوف سائر من نسبت إليه دروع من تلك الدروع، فجاء القعقاع بذلك كله إلى سعد، فقال له: اختر أحد هذه الأسياف، فاختار سيف هرقل، وأعطاه إياه معه درع بهرام، ونفل سعد سائر ذلك فى الخرساء، كتيبته، إلا سيف كسرى والنعمان، فإنه بعث بهما إلى عمر فى الأخماس مع حلى كسرى وتاجه وثيابه، ليرى ذلك المسلمون، ولتسمع به العرب، لمعرفتهم بها.
وقال عصمة الضبى «2» : خرجت فيمن خرج يطلب، فأخذت طريقا مسلوكا فإذا عليه حمّار، فلما رآنى حث حماره فلحق آخر قدامه، فمالا، وحثا حماريهما، فانتهينا إلى جدول قد كسر جسره، فثبتا حتى أتيتهما، ثم تفرقا، ورمانى أحدهما فألظظت به حتى قتلته، وأفلت الآخر، فرجعت إلى الحمارين، فأتيت بهما صاحب الأقباض، فنظر فيما على أحدهما، فإذا سفطان فى أحدهما فرس من ذهب مسروج بسرج من فضة على ثغره ولببه الزمرد والياقوت منظومين على الفضة، ولجام كذلك، وفارس من فضة مكلل