ذكر يوم ماسبذان «1» ويوم قرقيسيا «2»
ذكروا «3» أنه لما رجع هاشم من جلولاء إلى المدائن، بلغ سعدا أن آذين بن الهرمزان جمع جمعا، فخرج بهم إلى السهل، وأن أهل الجزيرة بعثوا جندا إلى هيت، فكتب سعد بذلك إلى عمر، فكتب إليه أن يبعث ضرار بن الخطاب فى جند إلى ابن الهرمزان، ويبعث عمر بن مالك بن عتبة بن نوفل بن عبد مناف فى جند إلى هيت، ورسم لكلا الجندين صاحب مقدمتيه ومجنبتين وساقة وسماهم، فخرج ضرار فى الجند، وقدم صاحب مقدمته حتى انتهى إلى سهل ماسبذان، فالتقوا بمكان يدعى بهندف، فاقتتلوا به، فأسرع المسلمون فى المشركين، وأخذ ضرار آذين بن الهرمزان سلما، فأسره فانهزم عنه جيشه، فقدمه فضرب عنقه، ثم خرج فى الطلب حتى انتهى إلى السيروان، فأخذ ماسبذان عنوة، فتطاير أهلها فى الجبال، فدعاهم فاستجابوا له، وأقام بها حتى تحول سعد من المدائن فأرسل إليه، فنزل الكوفة واستخلف على ماسبذان، وكانت إحدى فروج الكوفة.
وخرج عمر بن مالك فى جنده سائرا نحو هيت «4» ، وقدم الحارث بن يزيد العامرى، وهو المعين لمقدمته، حتى نزل بهيت وقد خندقوا عليهم، فلما رأى عمر بن مالك امتناع القوم بخندقهم استطال أمرهم، فترك الأخبية على حالها وخلف عليهم الحارث بن يزيد يحاصرهم، وخرج فى نصف الناس يعارض الطريق حتى جاء قرقيسيا فى عرة، فأخذها عنوة، فأجاب أهلها إلى الجزاء، وكتب إلى الحارث فى أهل هيت: إن هم استجابوا فخل عنهم وإلا فخندق على خندقهم خندقا أبوابه مما يليك حتى أرى من رأيى، فسمحوا بالاستجابة، وانضم الجند إلى عمر بن مالك والأعاجم إلى أهل بلدهم.
وقال ضرار بن الخطاب يذكر ملتقاهم بهندف:
ولما لقينا فى بهندف جمعهم
... تنادوا وقالوا يا صبر وايال فارس
فقلنا جميعا نحن أصبر منكم
... وأكرم فى يوم الوغى والتمارس