أما سيف «1» ، فإنه ذكر بإسناد له قال: لما نزل أبو سبرة فى الناس على السوس، وأحاط المسلمون بها، وعليهم شهريار أخو الهرمزان، ناوشهم مرات، كل ذلك يصيب أهل السوس من المسلمين، فأشرف عليهم الرهبان والقسيسون، فقالوا: يا معشر العرب، إن مما عهد إلينا علماؤنا وأوائلنا، أنه لا يفتح السوس إلا الدجال، أو قوم فيهم الدجال، فإن كان الدجال فيكم فستفتحونها، وإن لم يكن معكم فلا تعنوا بحصارنا، وجاء صرف أبى موسى إلى البصرة، وعمل مكانه على جندها الذين بالسوس المقترب، والنعمان على أهل الكوفة، فحاصر السوس مع أبى سبرة.
فجاء كتاب عمر بصرف النعمان إلى أهل نهاوند لاجتماع الأعاجم بها، فتهيأ للمسير، ثم استقبل فى تعبئته، فناوش أهل السوس قبل مضيه، فعاد الرهبان والقسيسون، وأشرفوا على المسلمين، وغاظوهم، وصاف ابن صياد يومئذ مع النعمان فى خيله، فأتى باب السوس غضبان فدقه برجله، وقال: انفتح، فتقطعت السلاسل، وتكسرت الأغلاق، وتفحت الأبواب، ودخل المسلمون، فألقى المشركون بأيديهم، ونادوا: الصلح الصلح، فأجابهم المسلمون إلى ذلك، بعد ما دخلوها عنوة، واقتسموا ما أصابوا قبل الصلح، ثم افترقوا.
فتح جندى سابور
قالوا «2» : ولما فرغ أبو سبرة من السوس خرج فى جنده حتى ينزل على جندى سابور، وزر بن عبد الله محاصرهم، فأقاموا عليها يغادونهم ويراوحنهم القتال، فلم يفجأ المسلمين يوما إلا وأبوابها تفتح، ثم خرج السرح، وخرجت الأسواق، وانبث أهلها، فأرسل إليهم المسلمون: أن ما لكم؟ قالوا: رميتم لنا بالأمان فقبلناه، وأقررنا لكم الجزاء، على أن تمنعونا، فقال المسلمون: ما فعلنا، فقال أهل جندى سابور: ما كذبنا، فسأل المسلمون فيما بينهم، فإذا عبد يدعى مكنفا كان أصله منها، هو الذى كتب لهم أمانا، فرمى به إليهم من عسكر المسلمين، فقالوا: إنما هو عبد، فقال المشركون: إنا لا نعرف حركم من عبدكم، وقد جاءنا أمان، فنحن عليه قد قبلناه، ولم نبدل، فإن شئتم فاغدروا، فأمسكوا عنهم، وكتبوا بذلك إلى عمر، فأجابهم: إن الله عظيم الوفاء، فلا