الحصن، فحاصرهم حتى سألوه أن يسير منهم بضعة عشر أهل بيت ويفتحوا له الحصن، ففعل ذلك، وفرض عليهم لكل رجل من أصحابه دينارا وجبة وبرنسا وعمامة وخفين.
فجاء النفر من القبط يستأذنونه إلى قراهم وأهليهم، وقد كان نفر منهم تحدثوا قبل ذلك ورجل من لخم يسمعهم، فقال بعضهم لبعض: ألا تعجبوا من هؤلاء القوم، يعنون المسلمين، يقدمون على جموع الروم، وإنما هم فى قلة من الناس. فجاءهم رجل منهم، فقال: إن هؤلاء القوم لا يتوجهون إلى أحد إلا ظهروا عليه، حتى يقتلوا خيرهم. فأنكر عليه اللخمى قوله وأراد حمله إلى عمرو، فرغب إليه أصحابه وغيرهم حتى خلصوه، فلما استأذن أولئك النفر عمرا قال لهم: كيف رأيتم أمرنا؟ قالوا: لم نر إلا حسنا. فقال ذلك الرجل لعمرو مثل مقالته تلك: إنكم لن تزالوا تظهرون على كل من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلا. فغضب عمرو وأمر به، فطلب إليه أصحابه وأخبروه أنه لا يدرى ما يقول، حتى خلصوه، فلما بلغ عمرا عمر بن الخطاب عجب من قول ذلك القبطى، وأرسل فى طلبه، فوجدوه قد هلك.
وفى حديث غيره: قال عمرو بن العاص: فلما طعن عمر بن الخطاب قلت: هو ما قال القبطى، فلما حدثت أنه إنما قتله رجل نصرانى «1» قلت: لم يعن هذا، إنما عنى من قتله المسلمون، فلما قتل عثمان، رضى الله عنه، عرفت أن ما قال الرجل حق.
قال ابن عبد الحكم: وقد سمعت فى فتح القصر وجها غير هذا، ثم ذكر عن نفر سمى منهم قال: وبعضهم يزيد على بعض فى الحديث أن عمرو بن العاص حصرهم فى القصر الذى يقال له: باب اليون حينا، وقاتلهم قتالا شديدا، يصبحهم ويمسيهم، فلما أبطأ عليه الفتح كتب إلى عمر بن الخطاب يستمده، فأمده عمر بأربعة آلاف رجل، على كل ألف منهم رجل يقوم مقام ألف: الزبير بن العوام «2» ، والمقداد بن عمرو»
، وعبادة