يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ آل عمران: 144 ، فسمى من ثبت على دينه بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاكرين. ثم عاد فى وصف من ناهض منهم أهل الردة، والمنافقون حشر فى المؤمنين، وإنما يكلم الله عز وجل، المؤمنين بما يعنى به المنافقين، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ المائدة:
54 ، فسماهم أحباء وأثابهم، حيث كانوا أذلة أرقة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، يجاهدون، يعنى جهادا بعد جهادهم أهل الردة، يقاتلون من بعدهم أهل فارس، ولا يخافون تخويف من يخوفهم، هذا فضل الله يخص به من يشاء، وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ عالم بهذا، فهم الشاكرون، وهم الفاضلون، وهم المقربون، وهم أحباء الله.
وعن على وابن عباس، رضى الله عنهما، فى قوله عز وجل: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ الآيتين إلى قوله: وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً الفتح: 20، 21 ، «مغانم» فتوحا من لدن خيبر، تلونها وتضمون ما فيها «فعجل لكم هذه» أى عجل لكم من ذلك خيبر «وكف أيدى الناس عنكم» أيدى قريش بالصلح يوم الحديبية «ولتكون آية للمؤمنين» شاهدا على ما بعدها ودليلا على إنجازها «وأخرى لم تقدروا عليها» أى على علم وقتها، أفيئها عليكم: فارس والروم «قد أحاط الله بها» قضى الله بها أنها لكم، منها: الأيام، والقوادس، والواقوصة، والمدائن الحمر بالشام، ومصر، والضواحى، فاجتمعت هذه الصفات فيمن قاتل فارس والروم وسائر الأعاجم ذلك الزمان.
ذكر سيف قال: كان أول ملوك فارس قاتله المسلمون شيرى بن كسرى، وذلك أن أبا بكر الصديق، رضى الله عنه، حيث فرغ من أهل الردة، وأقامت جنود المسلمين فى بلدان من ارتد، كتب إلى خالد بن الوليد وهو باليمامة: أن ائذن للمسلمين فى القفل إلا من أحب المقام معك، ولا تكرهن أحدا على القيام، ولا تستعن فى شىء من حربك بمتكاره، وادع من يليك من تميم وقيس وبكر إلى موتان اليمامة، فإن موات ما أفاء الله على رسوله لله ولرسوله، فمن أحيا شيئا من ذلك فهو له، لا يدخل ذلك فى شىء من موات كل بلد أسلم عليه أهله.
ففعل خالد، فأنزل اليمامة من هؤلاء الأحياء من أقرن ببنى حنيفة، ولما أذن خالد فى القفل قفل الناس، أهل المدينة ومن حولها، وسائر من كان معه من أهل القبائل، وبقى