فإن قيل: قد قال الله تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} الأعراف: 159 , قيل: لايخفى مافي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من أئمة الهُدى والعدل , وأئمة الهُدى والفقه كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وعثمان وعلي وغيرهم من أئمة الهدى والعدل , ففي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبيّ وإنه لانبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر» قالوا: فما تأمرنا , قال: «فُوا ببيعة الأوّل فالأوّل وأعطوهم حقّهم فإن الله سائلهم عمّا استرعاهم» (1) , وكأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء ممن يهتدى به ويعدل في الأمة , وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة وهم ظاهرون» (2) وليس هذا في غير أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - , وهذه النعمة ببركة قولهم لنبيهم - صلى الله عليه وسلم -: سمعنا وأطعنا , فإن الله خفف عنهم وغفر لهم ورفع عنهم الأغلال والآصار؛ وقوم موسى لما قالوا: سمعنا وعصينا , ثقل عليهم وعاقبهم وجعل الآصار والأغلال عليهم والذل إلى يوم القيامة , وسلبهم بركةَ الطاعة فجعلها في غيرهم وسلطهم عليهم كما قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا
حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ
... } الآية النساء: 160 , وفي الجملة ففي ق 26/ظ