وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} يوسف: من الآية 33 - 34 , ولا شكّ أنه لو دعا بالسلامة من السجن أيضاً لسلّمه الله تعالى منه , ولكن كان في ضمن سجْنه (1) حِكَمٌ أظهرها الله سبحانه من براءة ساحته حتى أقرّت المرأة بأنها (هي التي) (2) راودته عن نفسه وأنه من الصادقين , وغير ذلك من الحكم التي لبسطها مكان آخر؛ قلنا: قد استجاب الله تعالى دعاء من هو دون يوسف عليه الصلاة والسلام في النبوّة , بل قد استجاب لكثير (3) من صالحي عباده , وما أوتِيَهُ محمّد - صلى الله عليه وسلم - من ذلك مشهور معروف من إجابة (4) دعائه ونجاته من كيد مَن أراده بسوء , كما دعا على الملأ من قريش الذين قتلهم الله تعالى على يديه يوم بدر (5) وكثير من أمثال ذلك مما يطول الكتاب جدّاً بذكره.
فإن قيل: إن يوسف عليه الصلاة والسلام قاسى مرارة الفرقة وامتُحِن بالغربة عن أبيه وأهله ووطنه , قيل: الذي قاسى محمد - صلى الله عليه وسلم - من فراق بلدهِ الحرام والمشاعر العظام ووطنه ومسقط رأسه أعظم من ذلك , فقد أُلجئ إلى مفارقة حَرَم الله الآمن , فخرج متلفتاً إلى البيت وقال ق 54/و وهو حزين مستعبر: «والله إنّي لأعلم أنك أحبّ البقاع إلى الله ولولا أني أخرجت منكِ ما خرجت» (6) , ولما ورد المدينة كانت وبيئةً فوُعك أصحابُه - رضي الله عنهم - فقال: «اللهم العن فلاناً (و) (7) فلاناً كما أخرجونا من مكة» (8) ,
وأراهُ الله