الله عليه وسلم كما هو معروف؛ وقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} النحل: من الآية 120 ومعنى الأمة أنه كان معلماً للخير وداعياً إليه , ولا ريب أنَّ علم نبينا - صلى الله عليه وسلم - وتعليمَه وما ظهر من الخير على يديه في زمانه وبعد موته بسببه أمر لا يكاد يرتاب فيه عاقل , فإنَّ علمَه وشريعته متداولة بين أمته إلى يوم القيامة , وسنَّة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - من بعض ماهو من سنن محمد - صلى الله عليه وسلم - التي دعا إليها وأمر بالاستنان بها , وقنوت محمد - صلى الله عليه وسلم - كان أعظم فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الفتح: من الآية 2 قام (1) فصلى حتى تفطرت قدماه فقيل له: قد غُفر لك من ذنبك ماتقدم وما تأخر , فقال: «أفلا أكون عبداً شكوراً» (2) وصلّى حتى أنزل عليه - صلى الله عليه وسلم -: {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} طه: 1 - 3 (3).
فإن قيل: إن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بوَّأ الله تعالى له مكانَ البيت حتى عَمَره وأقام شعائر الله , قيل: ما فعله محمد - صلى الله عليه وسلم - في أمر البيت أعظم , فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام جاء إلى أرض داثرة (4) فبنى فيها بيتاً وأقام فيه أموراً شرعها الله تعالى له , وليس في ذلك كبير (5) مشقة وإن كان فيه من الفضل والإحسان مافيه , فإن فعل نبينا - صلى الله عليه وسلم - أعظم خطراً