مس الجان الإنسان وتشكلهم بصور مختلفة

السُّؤَالُ

ـلا شك أننا كمسلمين نؤمن بوجود الجان ونسلم به لما ورد في مواضع كثيرة من القرآن الكريم والحديث الشريف، سؤالي ما مدى تأثير الجان على الإنسان وهل يمكن أن يضره فعلا خصوصا إذا كان الإنسان ضعيف الإيمان وما معنى المس، وهل يتمثل الجان بصورة إنسان ويظهر أمام الناس، وما هي الطريقة المثلى لتجنب الأشرار من الجان، وهل تأثر وخوف الإنسان من سماع آيات السحر والجان دليل على وجود مس من الجان أو سحر؟

عذرا على كثرة الأسئلة.

وجزاكم الله خيرا.ـ

الفَتْوَى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجن لهم تأثير بإذن الله تعالى وأضرار يلحقونها ببدن الإنسان، وذلك ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة، قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة: ١٧٥}

وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. وقال عبد الله بن الإمام أحمد قلت لأبي: إن قوما يقولون: إن الجن لا يدخلون في بدن المصروع فقال: يا بني يكذبون، هذا يتكلم على لسانه، وهذا الأمر مشهور بين الناس فإنه يرى الرجل مصروعا فيتكلم المصروع بلسان لا يعرفه ويضرب على بدنه ضربا عظيما ومع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقال حوله.

والمس هو الجنون، كما قال أهل التفسير، ففي الطبري عند تفسير قوله تعالى: إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {البقرة: ١٧٥} قال: يعني بذلك: يتخبله الشيطان في الدنيا، وهو الذي يخنقه فيصرعه من المس، يعني من الجنون.

ثم إنه لا مانع من أن يظهر الشيطان أمام الناس بصورة إنسان أو غيره فقد أعطى الله سبحانه وتعالى الجن قدرة على التشكل بأشكال مختلفة، منها:

التشكل في صورة إنسان، كما في صحيح البخاري عندما جاء الشيطان لأبي هريرة رضي الله عنه في صورة رجل فقير، وأخذ يحثو من طعام الصدقة.

ومنها التشكل في صورة حيوان، كالكلب الأسود، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكلب الأسود شيطان. قال ابن تيمية رحمه الله: الكلب الأسود شيطان، والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وفيه قوة الحرارة.

كما يتشكل بشكل الحيات (الثعابين) ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل جنان البيوت، خشية أن يكون هذا المقتول جنياً قد أسلم.

ولك أن تراجع في الوقاية من الجان فتوانا رقم: ٣٦٢٤٦، ولا يلزم أن يكون تأثير الإنسان وخوفه عند سماع آيات السحر والجان دليلاً على وجود مس من الجان أو سحر به، لأن القرآن كله مؤثر.

والله أعلم.

تَارِيخُ الْفَتْوَى

٠٤ شوال ١٤٢٦