ما وصف الله بِهِ نفسه من قوله (وقد خلقناكَ «1» من قبل) فِي غير مكان من القرآن. فجرى هَذَا عَلَى ذَلِكَ.
وقوله: وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ 100 البرزخ من يوم يَموت إلى يوم يبعث. وقوله (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) يقول حاجزًا. والحاجز والمهلة متقاربان فِي المعنى، وَذَلِكَ أنك تَقُولُ: بينهما حاجز أن يتزاورا، فتنوي بالحاجز المسافة البعيدة، وتنوي الأمر المانع، مثل اليمين والعداوة. فصار المانع فِي المسافة كالمانع فِي الحوادث، فوقع عليهما البرزخ.
وقوله: قالُوا رَبَّنا «2» غَلَبَتْ عَلَيْنا شقاوتُنا 106 حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (وَقَيْسٌ «3» ) عن أبى إسحاق، وزهير ابن مُعَاوِيَةَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ (شَقَاوَتِنَا «4» ) بِأَلِفٍ وَفَتْحِ الشِّينِ. قيل للفراء أأخبرك زهير؟ فقال:
يا هَؤُلَاءِ إني لَمْ أسمع «5» من زهير شيئًا. وقرأ أهل المدينة وَعَاصِم (شِقْوَتُنا) وهي كثيرة.
أنشدني أَبُو ثرْوان:
كُلِّف من عَنائه وشِقْوته
... بنتَ ثمانِي عَشْرَةٍ من حِجَّتِه «6»
قَالَ الفراء: لولا عبد الله ما قرأتُها إلا (شِقْوَتُنا) .