والجبال بَرد. وكذا سمعت تفسيره. وقد يكون فِي العربية أمثال الجبال ومقاديرُهَا من الْبَرَد، كما نقول: عندي بيتان تِبنًا، والبيتان ليسا من التبن، إنما تريد: عندي «1» قدر بيتين من التبن. فمن فِي هَذَا الموضع إِذَا أسقطت نصبت ما بعدها، كما قَالَ (أَوْ عَدْلُ «2» ذلِكَ صِياماً) وكما قال (مِلْءُ «3» الْأَرْضِ ذَهَباً) .
وقوله (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) وقد قرأها أبو جعفر (يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) 129 اوقوله: وَاللَّهُ خَالِقُ كُلِّ دَابَّةٍ 45 و (خَلَق «4» ) وأصحاب عبد الله قرأوا (خالق) ذُكِرَ عَن أبي إسحاق السبيعي- قَالَ الفراء: وهو الهمداني- أَنَّهُ قَالَ: صليت إلى جنب عبد الله بن مَعْقل فسمعته يقول (وَاللَّهُ خَالِقُ كل دابَّة) والعوام بعدُ (خَلَقَ كُلَّ) .
وقوله (كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) يُقال: كيف قَالَ (مَنْ يَمْشِي) وإنما تكون (مَن) للناس وقد جعلها هاهنا للبهائم؟
قلت: لَمَّا قَالَ (خالق كل دابَّة) فدخل فيهم الناسُ كنى عنهم فقال (منهم) لِمخالطتهم الناس، ثم فسّرهم بِمن لَمّا كنى عنهم كناية الناس خاصة، وأنت قائل فِي الكلام: من هذان المقبلان لرجل ودابَّته، أو رجل وبعيره. فتَقوله بِمن وبِما لاختلاطهما، ألا ترى أنك تَقُولُ: الرجل وَأباعِرهُ مقبلون فكأنهم «5» ناس إِذَا قلت: مقبلونَ.
وقوله: مُذْعِنِينَ 49 : مطيعينَ غير مستكرَهينَ. يقال: قد أذعنَ بِحقي وأمعنَ بِهِ واحِدٌ، أي أقرّ بِهِ طائِعًا.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ الله عليهم ورسوله 50 فجعل الحيف منسوبا إلى الله