Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
ويتضح التناقض نفسه، في موقف الحركة الصهيونية من الغيبيات الدينية. فقد نظرت الحركة الصهيونية للمفاهيم الدينية باعتبارها مفاهيم لا عقلانية متجاوزة للمادة، ولذا دعت اليهود لأن يكونوا طبيعيين لا يختلفون عن البشر ولا يتحدثون إلا عن القانون الطبيعي (المادي) العام ولا يدورون إلا في إطاره. وانطلاقاً من هذا تم رفض الدين والماشيَّح وكل الغيبيات. ولكن تم تبنِّي بعض هذه الأفكار والغيبيات المرفوضة (مثل الشعب اليهودي والأرض) بعد أن أُفرغت من مضمونها الديني وتم إضفاء المطلقية عليها، أي أنه تمت استعادة القداسة من داخل المادة ومن ثم تم تشجيع الخصوصية والتفرُّد. فالشعب اليهودي شعب مثل كل الشعوب، ولكنه شعب ذو رسالة خاصة وحقوق مطلقة. وهو يؤسس دولة ديموقراطية مثل كل الدول الأخرى، ولكن هذه الدولة تتمتع بقداسة لا نظير لها حتى أنها تحل محل الرب في وجدان اليهود. والمستوطن الصهيوني سيعود إلى الطبيعة يلتصق بها، ويعمل بيديه في الأرض، ويتحرر من الاستغلال والملكية الخاصة ومن كل ما يميِّز الإنسان عن أخيه الإنسان. ولكننا نكتشف أن الأرض ليست الأرض بشكل عام بل الأرض المقدَّسة الخاصة المقصورة عليه. ومن ثم نجد أن هذا الداعي إلى الإخاء الإنساني والعالمي يقتل العرب ويرفض السماح لهم بأن يزرعوا الأرض معه. ولعل هذا الجانب في الصهيونية هو سر جاذبيتها للعالم الغربي، فهي محاولة ماهرة لحسم التناقض الكامن في الفكر العلماني. وهذا التناقض هو الذي جعل بوسع الصهيونية التوصل للخطاب الصهيوني المراوغ، بمقدرته التعبوية الهائلة والذي جعل من الممكن استيعاب يهود الغرب من دعاة الاندماج ويهود الشرق من دعاة الانعزال والهجرة الاستيطانية.