Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
٦ ـ يُلاحَظ أن فكرة الترانسفير قد تَجذَّرت تماماً في الوجدان الغربي الحديث بحيث لا يستطيع الإنسان الغربي رؤية الطبيعة البشرية نفسها إلا في إطار الترانسفير. ولعل قمة العقلية الترانسفيرية تظهر في تعريف البروفسور ماكس لرنر (وآخرين) للإنسان الحديث بأنه إنسان قادر على تغيير منظومته القيمية بعد إشعار قصير، أي أن الإنسان كائن حركي يمكنه أن ينجز الترانسفير من منظومة قيمية إلى أخرى بسرعة، ولا يمارس أي ولاء عميق لأي شيء، ولا يشعر بأي ألم أو وخز ضمير إن غيَّر ولاءاته وهويته وشخصيته وأهواءه (ومن المعروف أن المغنية مادونا، قمة ما بعد الحداثة، تقوم بتغيير شخصيتها مرة كل ثلاث سنوات) . وفي هذه الموسوعة، نعرِّف التحديث بأنه رفض كل العلاقات الكونية والثابتة (مثل علاقات القرابة) والقضاء عليها، ورفض المطلقات والثوابت كافة، وإخضاع كل العلاقات للتفاوض وكل القيم للتداول (الترانسفير) ، الأمر الذي يحقق للإنسان الحديث حركية عالية وكفاءة منقطعة النظير في أداء أية مهمة توكل إليه.
٧ ـ بل يمكن القول بأن الترانسفير قد انتقل كذلك إلى المنظومة المعرفية فيما يُسمَّى «النسبية المعرفية» ، حيث يرفض الإنسان أي يقين معرفي ويرضى بالجزئيات، فينقل إيمانه من حقيقة إلى أخرى. وهنا، فإن ما يشكل المعرفة بالنسبة له ليس الحقيقة الكلية وإنما حقائق جزئية متغيرة متلاحقة.