حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، وَمُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالا : ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، ح وَحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِيَاسٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ ، فَوَجَدْتُهُ مَوْعُوكًا قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : " خُذْ بِيَدِي يَا فَضْلُ " , فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمِنْبَرِ ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " صِحْ فِي النَّاسِ " , فَصِحْتُ فِي النَّاسِ ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلا إِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي حُقُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ ، فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرَهُ فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدْ مِنْهُ ، أَلا وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ مِنْهُ ، أَلا لا يَقُولَنَّ رَجُلٌ إِنِّي أَخْشَى الشَّحْنَاءَ مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَلا وَإِنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِنْ طَبِيعَتِي وَلا مِنْ شَأْنِي ، أَلا وَإِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ مَنْ أَخَذَ حَقًّا إِنْ كَانَ لَهُ ، أَوْ حَلَّلَنِي فَلَقِيتُ اللَّهَ وَأَنَا طَيِّبُ النَّفْسِ ، أَلا وَإِنِّي لا أَرَى ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنِّي حَتَّى أَقُومَ فِيكُمْ مِرَارًا " ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَعَادَ لِمَقَالَتِهِ فِي الشَّحْنَاءِ وَغَيْرِهَا ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَرُدَّهُ وَلا يَقُولُ فُضُوحَ الدُّنْيَا ، وَإِنَّ فُضُوحَ الدُّنْيَا أَيْسَرُ مِنْ فُضُوحِ الآخِرَةِ " ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي عِنْدَكَ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ ، قَالَ : " أَمَا إِنَّا لا نُكَذِّبُ قَائِلا وَلا نَسْتَحْلِفُهُ ، فَبِمَ صَارَتْ لَكَ عِنْدِي ؟ " , قَالَ : تَذْكُرُ يَوْمَ مَرَّ بِكَ مِسْكِينٌ ، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ : " ادْفَعْهَا إِلَيْهِ يَا فَضْلُ " ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : عِنْدِي ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ كُنْتُ غَلَلْتُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَ : " وَلِمَ غَلَلْتَهَا " , قَالَ : كُنْتُ إِلَيْهَا مُحْتَاجًا ، قَالَ : " خُذْهَا يَا فَضْلُ " ، ثُمَّ قَالَ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، مَنْ خَشِيَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا فَلْيَقُمْ أَدْعُو لَهُ " ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَكَذَّابٌ ، وَإِنِّي لَمُنَافِقٌ ، وَإِنِّي لَنَئُومٌ ، قَالَ : " اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ صِدْقًا ، وَإِيمَانًا ، وَأَذْهِبْ عَنْهُ النَّوْمَ إِذَا أَرَادَ " ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَكَذَّابٌ ، وَإِنِّي لَمُنَافِقٌ ، وَمَا شَيْءٌ مِنَ الأَشْيَاءِ إِلا وَقَدْ أَتَيْتُهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا هَذَا ، فَضَحْتَ نَفْسَكَ ، فَقَالَ : " مَهْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، فُضُوحُ الدُّنْيَا أَيْسَرُ مِنْ فُضُوحِ الآخِرَةِ " ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ أَرْزُقْهُ صِدْقًا ، وَإِيمَانًا ، وَصَيِّرْ أَمَرَهُ إِلَى خَيْرٍ " , فَكَلَّمَهُمْ عُمَرُ بِكَلِمَةٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عُمَرُ مَعِي وَأَنَا مَعَهُ ، وَالْحَقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ حَيْثُ كَانَ " .