حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ قَوْمٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أُزُرٌ ، وَلا شَيْءَ غَيْرَهَا عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بِهِمْ مِنَ الْجَهْدِ وَالْعُرَى وَالْجُوعِ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ ، ثُمَّ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ : يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ سورة النساء آية 1 إِلَى آخِرِ الآيَةِ ، يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ إِلَى قَوْلِهِ هُمُ الْفَائِزُونَ سورة الحشر آية 18ـ20 ، تَصَدَّقُوا قَبْلَ أَنْ لا تَصَدَّقُوا ، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِرْهَمِهِ ، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ بُرِّهِ ، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ تَمْرِهِ ، مِنْ شَعِيرِهِ ، لا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ " ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي كَفِّهِ صُرَّةٌ ، فَنَاوَلَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَبَضَهَا فَعُرِفَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا ، كَانَ لَهُ أَجْرُهَا ، وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، لا يُنْقَصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا ، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ ، لا يُنْقَصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " ، فَقَامَ النَّاسُ فَتَفَرَّقُوا فَمِنْ ذَا دِينَارٌ ، وَمِنْ ذَا دِرْهَمٌ ، فَاجْتَمَعَ فَقَسَمَهُ بَيْنَهُمْ .