Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
١٠٥٩٩ - ومن تمام الكلام فيه أن أهل البصيرة إذا قالوا: لطيفة السمع باقية في مقرها من الدماغ، ولكن ارْتتق بالجناية داخل الأذن ارتتاقاً لا وصول (١) إلى زواله، والسمعُ باق بحاله، فهذا في حكم جنايةٍ على الأذن، أو على داخلها، وليس السمع حالاًّ في باطن الأذن، فكيف السبيل إذا تصورت المسألة كذلك؟
فنقول: سيأتي اختلاف الأصحاب في مسألة تناظر هذه: وهي أن المولود إذا كان ولد أصمّ، فإنه لا ينطلق لسانه وإن كان صحيحاً، وعلامةُ صحته وحركاتُه لا تخفى على ذوي البصائر، ولكن الصبي إنما ينطق متلقياً (٢) مما يسمعه، فإذا لم يسمع لم ينطق، ولو قطع اللسان منه، ففي وجوب الدية فيه خلاف، والأصح أنه لا يجب؛ لأن المنفعة المعتبرة في اللسان النطق، وهو مأيوسٌ منه. فهذا عضو صحيح تقاعدت منفعته لا لآفةٍ فيه، فالْتحق بالعضو المأووف.
فإذا ظهر هذا، عُدنا إلى مسألتنا، وقلنا: إذا لم يكن للسمع نفوذ، فهو متعطل بالكلية؛ فالوجه قطع القول بإيجاب الدية، وليس يخرج هذا على الخلاف الذي أشرنا إليه في لسان الصبي الأصم؛ فإن صحة لسانه معلومة أو مظنونة ظناً معتبراً في الشرع، ولسنا نثق ببقاء السمع والسلامة، فنبني الأمر على تقدير زوال السمع.
١٠٦٠٠ - فقد انتظم في السمع أمور بديعة: منها أنه ليس حالاًّ في الأذنين، وإنما هو لطيفة في مقرها من الرأس، وارتتاق منافذ الأذنين يوجب دية السمع، والمعاني التي لا تحلّ الأعضاء لا تضمن دياتها بالجناية على الأعضاء التي ليست محلاًّ لها، ومن البدائع أن السمع ليس من المثاني وله حكم المثاني، فإن الجناية التي تصمّ إحدى الأذنين موجبها نصف الدية، ولا تعويل على ما كان تردد قوله (٣) فيه، ثم أوجبنا مع هذا كلِّه الديةَ في أذن الأصم، فلا منفعة في الأذن تعقل إلا ردّ الصراخ إلى الصماخ، وهذه الأشياء مجموعها يتخيلها الفطن خارجة عن القوانين، والفقيه يتلقاها بالقبول؛
فإنها جارية على القياس اللائق بالباب.
(١) في الأصل: "أرشا ولا وصول".
(٢) في الأصل: "ينطلق متلفاً".
(٣) يشير إلى ما كان من تردد شيخه الشيخ أبي محمد، الذي ذكره آنفاًً.