في حلق أهل البدعة والضلالة (1). ومما يدعو للدهشة أن هذا الكتاب -على أهمية موضوعه- يظل طيلة هذه القرون المنصرمة خزين رفوف المكتبات، حتى بداية هذا القرن عندما قام الشيخ عبد الحميد بن باديس بتحقيقه ونشره (2). وظلت هذه الطبعة عمدة العلماء والباحثين زمناً طويلاً، بيد أن الحصول على نسخة منها قد أصبح متعذراً بل ومستحيلاً، فتشوفت النفوس إلى طبعة جديدة تغني عنها أو تسد مسدّها، حتى نهض أستاذنا الدكتور عمار طالبي بهذه المهمة الشاقة فنشر الكتاب في حلة قشيبة تسر الناظرين (3)، وتمتاز طبعة د. طالبي بميزة حسنة، فقد حرص -حفظه الله- كلّ الحرص على إثبات كل خلاف بين النسخ مهما كان شأنه، ليكون القارئ على بينة منه، فيختار ما يختار ويرد ما يرد بذوقه الخاص ورأيه المستقل، ولا يكون مقيداً بذوق الناشر ورأيه.
ولا داعي لذكر أبواب الكتاب وفصوله ومنهج المؤلف فيه، فقد تكفل أستاذنا عمار بتحقيق ذلك على أحسن وجه وأكمله، ولكن هذا لا يمنع من الكلام على هذا الكتاب العظيم بصورة إجمالية لا تخلو من فائدة إن شاء الله.