والحديث، بمنهجه الذي درج عليه في تحقيق المسائل الخلافية، وذلك بالرجوع إلى دلالات القرآن الكريم والسنة النبوية، والإفصاح عن معاني آيات الأحكام بصورة محكمة مبينة، متينة الأسس، واضحة المعالم، ويجدر بنا في هذا المقام أن ننقل جزءاً من مقدمة المؤلف لكتابه "الأحكام" حتى نتبين منهجه الذي رامه وتبناه.
يقول رحمه الله:
"
... فنذكر الآية، ثم نعطف على كلماتها، بل حروفها، فنأخذ بمعرفتها مفردة، ثم نركبها على أخواتها مضافة، ونحفظ في ذلك قسم البلاغة، ونتحرز عن المناقضة في الأحكام والمعارضة، ونحتاط إلى جانب اللغة ونقابلها في القرآن بما جاء في السنة الصحيحة، ونتحرى وجه الجمع، إذ الكل من عند الله، وإنما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - ليبين للناس ما نزل إليهم، ونعقب على ذلك بتوابع لا بد من تحصيل العلم بها، حرصاً على أن يأتي القولُ مستقلاً بنفسه، إلا أن يخرج عن الباب فنحيل عليه في موضوعه مجانبين للتقصير والِإكثار" (1).
قلت: وبهذا المنهج القويم السديد جاء كتابه في حسن عرضه، ودقة ضبطه، وترتيب مفاصله، وتحقيق معانيه، آية للسائلين.