في غاية الاحتفال والجمع لعلوم القرآن، فلما تلف تلافاه بكتاب "قانون التأويل" إلا أنه اخترمته المنية قبل تخليصه
... ".
قلت: وقد صدق ابن جُزَيّ، فقد وقفت في تفسيره هذا على آراء صوفية في غاية الغرابة، فتعجبت من إيراده لها مع أنه انتقدها بعنف وقوة في سائر مؤلفاته، ولكني بعد وقوفي على كلام ابن جزي تيقنت بأن هذا التفسير الموجود بين يدينا ما هو إلا مسودة لتفسيره الذي أملاه.
وقد اشتهر هذا التفسير في المشرق. ونقل عنه العلماء منهم الزركشي (1)، وأشار الحافظ الذهبي إليه ووصفه بأنه في خمس مجلدات (2).
أما سبب تأليفه ومنهجه فيه، فقد تكفل ابن العربي ببيان ذلك في مقدمته للجزء الأول، إلا أن جلّ الورق متآكل، وليس باستطاعتنا نقل المقدمة كما خطها يراع المؤلف وإنما نقتطع منها ما سلم من التلف والله المستعان.
يقول ابن العربي رحمه الله:
"
..... أما بعد: أيها الأخ العلي، المساعد والولي، سألتني أن أفيدك بجمل عربية، وعلوم جليلة من كتاب الله العزيز، إذ كانت عُلُومُهُ لا تحصى (3)
... فقد سبق إلى ترتيب نظامه العلماء المتقدمون، وأهل الفهم الشادون، وقد ألفوا في هذا النوع علوماً جليلة، وفوائد خطيرة في أنواع علوم التنزيل
... لأنك ذكرت أنك قرأت كتاب الشيخ الزاهد الصالح أبا عبد