يخلق الخلق عبثًا ولم يتركهم سدى،
كما قال جل في:
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)
[المؤمنون: ١١٥]
،
وكما قال تعالى:
(أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى)
(الإنسان: ٣٦)
.
والمتأمل في مطلع فاتحة الكتاب يتضح له جليًا أمر تحقيق التوحيد وتقرير العبودية وذلك في قوله تعالى:
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
(الفاتحة: ٥)
، ثم إن المتتبع لسور القرآن كلها يراها تقرر هذا الأصل العظيم بوضوح وجلاء،
وذلك من أول الأوامر الواردة في القرآن في قوله تعالى في أوائل سورة البقرة:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)
(البقرة: من آية: ٢١)
، وبأول النواهي في المحذرة من الشرك المنافي للتوحيد بعدها مباشرة في سورة البقرة - كذلك -
في قوله تعالى:
(فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا)
(البقرة: من آية: ٢٢)
وانتهاءً بسورتي الإخلاص
"الكافرون والإخلاص"
وختام القرآن بـ
"المعوذتين"
.
يرى تقرير العبودية في القرآن الكريم واضحًا جليًا في كل سور القرآن وآياته.
ومن هنا يتبين أن بيان تقرير العبودية لله هو المحور الرئيس في القرآن الكريم.
[وفي نحو ذلك يقرر الفخر الرازي
(ت: ٦٠٦ هـ)
-رحمه الله- فيقول]
«والمقصود من كل القرآن تقرير أمور أربعة:
الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر لله تعالى،
فقوله:
(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
(الفاتحة: ٣)
يدل على الإلهيات،
وقوله:
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
(الفاتحة: ٤)
يدل على المعاد،
وقول:
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
(الفاتحة: ٥)
يدل على نفي الجبر والقدر، وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره،
وقوله:
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
(الفاتحة: ٦ - ٧)
يدل أيضًا على إثبات قضاء الله وقدره وعلى النبوات، فلما