قيل:
جائز أن يكون الله تعالى ذكره أعان ملك الموت بأعوان من عنده، فيتولون ذلك بأمر ملك الموت فيكون
" التوفي "
مضافًا إلى ملك الموت، كما يضاف قتلُ من قتله أعوانُ السلطان، وجلدُ من جلدوه بأمر السلطان، إلى السلطان، وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه، ولا وليه بيده
".
(١)
[وقال القرطبي -رحمه الله-]
"والتوفي تارة يُضاف إلى ملك الموت،
كما قال:
(قل يتوفاكم ملك الموت)
وتارة إلى الملائكة لأنهم يتولون ذلك،
كما في قوله:
(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ)
وتارة إلى الله وهو المتوفي على الحقيقة،
كما قال:
(الله يتوفى الأنفس حين موتها)
".
(٢)
،
وقال تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ)
(النساء: ٩٧)
.
وقال تعالى:
(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ)
(النحل: ٢٨)
.
[قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي
(ت: ١٣٩٣ هـ)
-رحمه الله-]
"فتحصل أن إسناد التوفي إلى ملك الموت في قوله تعالى:
" قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ "
(السجدة: ١١)
، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح.
وأن إسناده للملائكة في قوله:
" فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ "
(محمد: ٢٧)
، ونحوها من الآيات لأن لملك الموت أعوانا يعملون بأمره.
وأن إسناده إلى الله في قوله تعالى:
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)
(الزمر: ٤٢)
، لأن كل شيء كائنا ما كان لا يكون إلا بقضاء الله وقدره والعلم عند الله
".
(٣)
ولم يثبت في ذلك حديث صحيح تسميته ملك الموت عليه السلام بـ "عزرائيل
" كما هو مشهور عند الكثير من عموم الخلق قديمًا وحديثًا.
[قال ابن كثير -رحمه الله-]
"وأما ملك الموت فليس بمصرح باسمه في القرآن، ولا في الأحاديث الصحاح، وقد جاء تسميته في بعض الآثار بعزرائيل".
(٤)
.
(١) -تفسير الطبري: (١١/ ٤١٠).
(٢) تفسير القرطبي: (٧/ ٧.).
(٣) أضواء البيان للشنقيطي: (٦/ ٥٠٤).
(٤) البداية والنهاية لابن كثير: (١/ ٤٢). البداية والنهاية المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: ٧٧٤ هـ) الناشر: دار الفكر عام النشر: ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٦ م عدد الأجزاء: ١٥.