الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم وأمته فى الشرائع على التسوية والتماثل كما أن الأصل أن الأمة بعضها مع البعض فى الشرع سواء فإن جرى تخصيص فى بعض المواضع فإنما صدر ذلك عن دليل خاص دل عليه وقد روى أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال له فى بعض الأمور إنك لست مثلنا أنه قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تآخر فغضب وقال إنما أرجو أن أكون أخشاكم لله تعالى ثم ذكر كلاما عن النكاح وغيره وقال فى آخره: "فمن رغب عن سنتى فليس منى" 1 وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب: 21 فدل أنه صلى الله عليه وسلم قدوة الأمة فى كل شىء.
وقد وجدت أحكام خاصة لأفراد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما روى أن خزيمة ابن ثابت كان مختصا بشهادتين2 وكذلك قال للبراء بن عازب فى الأضحية تجزيك ولا تجزيء عن أحد بعدك3 ورخص للزبير فى لبس الحرير عن حكة به4 ولم ينقل أحد أنه يجوز لغيره ونحن نقول أن رجعنا إلى صورة اللفظ فلا ارتياب أنه مختص بالرسول صلى الله عليه وسلم ثم بعد هذا يقال ما ظهرت فيه خصائص الرسول عليه السلام كالنكاح والمغانم فإذا ورد خطاب مختص به صلى الله عليه وسلم فهو مخصوص به وعلى هذا ينبغى أن نص بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم اعتقدوه وإنما صرنا إلى هذا لأن الصيغة خاصة واختصاص الرسول صلى الله عليه وسلم فى الباب معلوم فحمل الخطاب على أنه خاص له فأما ما لم يظهر فيه خصائصه وورد خطاب من الله تعالى يختص به فينبغى أن يكون الأمر على ما قاله.