ومنها أن يكون اللفظ فى الوضع مشتركا بين شيئين كالقرء يقع على الحيض والطهر فيفتقر إلى البيان1.
ومنها أن يكون اللفظ موضوعا لجملة معلومة إلا أن دخلها شيئا مجهول كقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} المائدة: 1 فإنه قد صار مجملا ما دخله من الاستثناء وفى هذا المعنى العموم الذى علم أنه مخصوص ولم يعلم ما خص منه ومنها أيضا أن يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلا يحتمل وجهين احتمالا واحدا مثل ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين2 فى السفر فهو محتمل لأن السفر يحتمل الطويل والقصير فلا يجوز حمله على أحدهما دون الآخر إلا بدليل وكذلك ما روى أن رجلا أفطر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة3 وهذا مجمل لأنه يجوز أنه أفطر بجماع ويجوز أنه أفطر بالأكل ولا يجوز حمله على أحدهما دون الآخر لا بدليل فهذه الوجوه لا يختلف المذهب فى إجمالها لافتقارها إلى البيان واختلف المذهب فى ألفاظ فمنها قول الله عز وجل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} البقرة: 275 فعلى حد قول الإمام الشافعى رحمه الله هو مجمل لأن الله تعالى أحل البيع وحرم الربا والربا هو الزيادة وما من بيع إلا وفيه زيادة فافتقر إلى بيان ما يحل وبيان ما يحرم وعلى القول الثانى ليس بمجمل وهو الأصح لأن البيع معقول فى اللغة فحمل اللفظ على العموم إلا ما خصه الدليل ومنها الآيات التى ذكر فيها الأسماء الشرعية وهى قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} البقرة: 43 وقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} البقرة: 185 وقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمران: 97 فمن أصحابنا من قال هذه الآيات عامة غير مجملة فتحمل الصلاة على كل دعاء والصوم على كل إمساك والحج على كل قصد إلا ما قام الدليل عليه ومن أصحابنا من قال هى مجملة لأن المراد بها معان لا يدل اللفظ عليها فى اللغة وإنما تعرف من جهة الشرع فافتقر إلى البيان مثل قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الأنعام: 141 وهذا هو.