ويكون الإنسان ذا مرة مصرفه عن الكذب ولا يكون لداعى الكذاب فى ذلك داع ويجوز أن يكون الإنسان مهتما بأمر من الأمور بمنشأ فلان فيسأل عن خبر فيخبره عنه فى الحال فيعلم أنه لم يفكر فيه فيدعوه إلى الكذب داع وهذه وجوه تدل على الصدق وهو من الاستدلال على الشىء بإبطال يقتضيه ولكن مع كل لا ينتفى توهم الكذب ويمكن تصور الكذب فى هذه الصور كلها بوجوه من الأغراض وعوارض توجب صرف الإنسان عن الصدق إلى الكذب فلم يخبر أن يحكم بكون الخبر مفيد للعلم وإذا اقترنت به هذه القرائن ووجد على هذه الأحوال فهذا وجه الكلام فى هذه المسألة.
وأما الكلام فيما يتعلق بالعمل الذى يثنى على خبر الواحد
.... 1 مذهب أكثر أهل العلم وجملة الفقهاء أن خبر الواحد يوجب العمل فقد تعبد به الشرع وليس فى العقل ما يمنع من التعبد به وذهبت طائفة إلى منع التعبد بأخبار الآحاد واختلفوا فى المانع من التعبد به فقال بعضهم يمنع منه العقل وذكر بعضهم أنه قول ابن علية والأصم وقال القاشانى من أهل الظاهر والشيعة يمنع من التعبد بها الشرع وأن كان جاز فى العقل2 فى هذه مسألة يكثر الكلام فيها على أن تذكر المعتمد من الجانبين ونزع الشبهة المذكورة من المختلفين بتوفيق الله تعالى والحجج من منع التعبد بها عقلا وقالوا: لو جاز أن يكون علمنا بما أخبرنا به الواحد عن النبي صلى الله عليه وسلم وغلب على ظننا صدقه مصلحة لنا وجب العمل به وجب أن يكون إذا أخبر الواحد عن الله تعالى وذكر أنه رسول منه وغلب على ظننا صدقه مصلحة لنا أيضا ويجب علينا العمل به وأما الفرق أن يكون المخبر عن الله تعالى بلا واسطة أو واسطة نبى قالوا: فنقول مخبر عن شرع من الله عز