اختلف أهل العلم فى ذلك فذهب بعض السلف إلى أنه لا يجوز مجاوزة اللفظ ولا يجوز أداء الحديث بالمعنى بحال وهذا مذهب عبد الله بن عمرو وجماعة من التابعين وجماعة من بعدهم واحتج من ذهب إلى هذا بقول صلى الله عليه وسلم نضر الله امرءا سمع مقالتى فحفظها ووعاها فأداها كما سمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه قالوا: ومعنى الحديث متعلق بلفظه فإذا تغير اللفظ أثر فى المعنى فكان النبى صلى الله عليه وسلم أفصح العرب وأحسنها بيانا وقال أوتيت جوامع الكلم فمن يمكنه أن يأتى بلفظ يوازى لفظه ويتضمن ما يتضمنه من المعنى وعن أبى العباس أحمد بن يحيى يغلب أنه كان يذهب هذا المذهب ويقول: أن عامة الألفاظ التى لها نظائر فى اللغة إذا تحققتها وجدت كل لفظة منها مختصة بشىء لا يشاركها صاحبتها فمن رأى العبارة ببعضها عن البعض لم يسلم من الزيغ عن المراد والذهاب عنه.
وأما عامة أهل العلم فرأوا أن الرواية على المعنى جائزة إذا كان الراوى عالما ما يتعين به المعنى وبذلك جرت عادة أكثر السلف والجمهور من الخلف وكذلك اختلفت ألفاظ الحديث وأن كانت القصة واحدة1 وشبهوا ذلك بالشهادات حيث يصح أداؤها بالمعانى ويعتبر اتفاق الشهود فيه وأن اختلفت ألفاظهم ومما يدل على ذلك رواية الصحابة المناهى عن النبى صلى الله عليه وسلم مثل نهيه عن بيعتين فى بيعة ونهيه عن المحاقلة والمزابنة وحبل الحبلى والنجش وبيع حاضر لباد وغير ذلك وكذلك روت الصحابة أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى باليمين.