وكذلك وردت أخبار كثيرة فى فضل الصحابة وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تذكروا أصحابى إلا بخير فلو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه" 1 والروايات فى جنس هذا تكثر وأما أبو هريرة رضى الله عنه لقد كان من المهاجرين من علية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضائله كثيرة وحسب السامع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللهم حبب عبدك أبا هريرة إلى عبادك المؤمنين" 2 وقد كان دعا له بالحفظ واستجاب الله تعالى فيه ذلك حتى انتشر فى العالم ذكره وحديثه وقال إسحاق الحنظلى ثبت عندنا فى الأحكام ثلاثة ألف حديث روى أبو هريرة رضى الله عنه منها ألف وخمسمائة وقال البخارى روى عنه سبعمائة من أولاد المهاجرين والأنصار وقد روى جماعة من الصحابة رضى الله عنهم عنه وقد كان ابن عباس رضى الله عنه يأخذ الحديث عنه وعن أمثاله لأنه كان صبيا فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وخبر الوضوء مما مست النار3 منسوخ وقول ابن عباس ما قاله كان من طريق بينه أنه منسوخ وأما عائشة رضى الله عنها فإنها كانت تنكر عليه سرده الحديث سردا وما كانت تتهمه بالكذب ومعاذ الله أن يظن ذلك بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان الزبير وجماعة ينكرون كثرة الرواية عن النبى صلى الله عليه وسلم مخافة السهو والغلط وقد ورد أن عمر رضى الله عنه حبس ابن مسعود وجماعة لكثرتهم الرواية عن النبى صلى الله عليه وسلم وقيل أنه طعن وتوفى وهم فى حبسه ثم أطلقوا وقولهم أن أبا هريرة رضى الله عنه لم يكن فقيها قلنا لا بل كان فقيها ولم يعدم شيئا من آلات الاجتهاد وقد كان يفتى فى زمان الصحابة رضى الله عنهم وما كان يفتى فى ذلك الزمان إلا فقيه مجتهد وعلى أنه أن لم يكن من المعروفين بالفقه فقد كان معروفا بالضبط والحفظ والتقوى ولم يقل أحد من الأئمة أن الفقه فى الراوى شرطا.