بالكوفة وهو أحد الخلفاء الأربعة وأقام بها إلى أن توفاه الله عز وجل وكان بها ابن مسعود وحذيفه وسعد بن أبى وقاص وسلمان وغيرهم وحين بعث عمر ابن مسعود إلى الكوفة كتب إليهم بعبد الله على نفسى وورد البصرة من الصحابة طلحة والزبير وعائشة فمن كان معهم من الصحابه فأقام بهها ابن عباس مدة وكان بها أبو موسى الأشعرى وعمران بن حصين وأنس وغيرهم وهؤلاء من أعيان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مع كل واحد منهم طائفة من أمر الدين وقطعة من السنة وقد تلقاها عنهم أهل هذه البقاع وحصلوها عندهم فكيف يجوز أن يختزلوا دون الإجماع ويفتات عليه في ذلك ولا يكون لهم منه حظ ولا يعتبر منهم خلاف هذا أمر قبيح وخطة مستشنعة ثم نقول إن المدينة كما أنها كانت مجمع الصحابة ومهبط الوحى فقد كانت أيضا دار المنافقين ومجمع أعداء الدين منهم عبد الله بن أبى ابن سلول وحلاس بن سويد ويجمع بن حارثة الثقفى وطعمه بن أبيرق غيرهم وكان من رؤسهم أبو عامر الراهب وله بنوا مسجد الضرار وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة وفى المدينة قال القائلون المنافقون: {لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} المنافقون: 7 وقالوا: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} المنافقون: 8 وفيها الماردون على النفاق الذين نزل فيهم قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} التوبة: 101 وفيها طعن عمر وحوصر عثمان حتى قتل وعلى أهلها كانت وقعة الحرة أيام يزيد بن معاوية ففنى الخلق وهلك عامة أهل الفضل ثم انجلى عنها أكثر من بقى منهم وبها غيرت السنن زمن مروان بن الحكم حين كان أميرها من قبل معاوية رضى الله عنه وقدم خطبتى العيد على الصلاة وأقام الحرس حتى منعوا الناس عن تحية المسجد حين كان يخطب وأخرج المنبر يوم العيد وغير ذلك مما يكثر والخطب جسيم والداء دوى والشر قد تم وجرى منذ قتل عثمان بالمدينة سنة خمس وثلاثين من الهجرة إلى بعد المائة من الهجرة بالمدينة ومكة والعراق1 وغيرها من بلدان الإسلام ما ترتاع النفوس سماعها وتقشعر القلوب من هولها وشدتها وظهر من الجرأة على الله تعالى وهتك جهات الدين والتهاون بشعائره وتغيير رسومه وسننه ونقض عرى الإسلام وسفك الدماء المحترمة وانتهاك المحارم والإقدام على العظائم التي لا يقدر قدرها ما لو حكى عشر ذلك بل أقل القليل منه بنى إسرائيل لتعاظمه هذه الأمة فكيف وهم