أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تُجْزِئُ صَلاةٌ لا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " . قُلْتُ : وَإِنْ كُنْتُ خَلْفَ الإِمَامِ ؟ قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِي ، وَقَالَ : " اقْرَأْ فِي نَفْسِكَ " . قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَمْ يَقُلْ فِي خَبَرِ الْعَلاءِ هَذَا : " لا تُجْزِئُ صَلاةٌ " ، إِلا شُعْبَةُ ، وَلا عَنْهُ إِلا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ . وَقَالَ : هَذِهِ الأَخْبَارُ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ شَرَائِطِ الأَخْبَارِ ، أَنَّ خِطَابَ الْكِتَابِ قَدْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ فِي حَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ حَتَّى يُسْتَعْمَلَ عَلَى عُمُومِ مَا وَرَدَ الْخَطَّابُ فِيهِ ، وَقَدْ لا يَسْتَقِلَّ فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ حَتَّى يُسْتَعْمَلَ عَلَى كَيْفِيَّةِ اللَّفْظِ الْمُجْمَلِ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الْخِطَابِ فِي الْكِتَابِ ، دُونَ أَنْ تُبَيِّنَهَا السُّنَنُ ، وَسُنَنُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِأَنْفُسِهَا ، لا حَاجَةَ بِهَا إِلَى الْكِتَابِ ، الْمُبَيِّنَةُ لِمُجْمَلِ الْكِتَابِ ، وَالْمُفُسِّرَةُ لِمُبْهَمِهِ ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلا : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ سورة النحل آية 44 ، فَأَخْبَرَ جَلَّ وَعَلا أَنَّ الْمُفَسِّرَ لِقَوْلِهِ : أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ سورة البقرة آية 43 ، وَمَا أَشَبْهَهَا مِنْ مُجْمَلِ الأَلْفَاظِ فِي الْكِتَابِ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُفَسَّرُ لَهُ الْحَاجَةُ إِلَى الشَّيْءِ الْمُجْمَلِ ، وَإِنَّمَا الْحَاجَةُ تَكُونُ لِلْمُجْمَلِ إِلَى الْمُفَسَّرِ ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ السُّنَنَ يَجِبُ عَرْضُهَا عَلَى الْكِتَابِ ، فَأَتَى بِمَا لا يُوَافِقُهُ الْخَبَرُ ، وَيَدْفَعُ صِحَّتَهُ النَّظَرُ .