أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ ، قَالا : حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَسَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ ، يَقُولُ : كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَرَّةِ الْمَدِينَةِ مُمْسِيًا ، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ ، فَقَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي أُحُدًا ذَهَبًا أُمْسِي ثَالِثَةً وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلا دِينَارٌ أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ ، إِلا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا " ، يَعْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَمِنْ خَلْفِهِ ، وَعَنْ يَمِينِهِ ، وَعَنْ شِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ ، إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، ثُمَّ قَالَ لِي : " لا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ " ، فَانْطَلَقَ ، ثُمَّ جَاءَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا ، فَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ ضِرَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ ، فَجَلَسْتُ حَتَّى جَاءَ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ آتِيَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَكَ لِي ، وَسَمِعْتُ صَوْتًا ، قَالَ : " ذَاكَ جِبْرِيلُ جَاءَنِي ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ " ، فَقُلْتُ : وَإِنْ زَنَى ، وَإِنْ سَرَقَ ؟ فَقَالَ : " وَإِنْ زَنَى ، وَإِنْ سَرَقَ " ، قَالَ جَرِيرٌ : قَالَ الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أُضْمِرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ شَرْطَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ تَفَضَّلُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلا عَلَيْهِ بِالْعَفُوِ عَنْ جِنَايَاتِهِ الَّتِي لَهُ فِي دَارِ الدُّنِيَا ، لأَنَّ الْمَرْءَ لا يَخْلُو مِنَ ارْتِكَابِ بَعْضِ مَا حُظِرَ عَلَيْهِ فِي الدُّنِيَا ، أُضْمِرَ فِي الْخَبَرِ هَذَا الشَّرْطُ ، وَالشَّرْطُ الثَّانِي : مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، يُرِيدُ بَعْدَ تَعْذِيبِهِ إِيَّاهُ فِي النَّارِ ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا ، إِنْ لَمْ يَتَفَضَّلْ عَلَيْهِ بِالْعَفُوِ قَبْلَ ذَلِكَ ، لِئَلا يَبْقَى فِي النَّارِ مَعَ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ فِي الدُّنِيَا ، فَهَذَانِ الشَّرْطَانِ مُضْمَرَانِ فِي هَذَا الْخَبَرِ ، لا أَنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ وَلا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا ، دَخَلَ الْجَنَّةَ لا مَحَالَةَ .