أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا إِِسْحَاقُ بْنُ إِِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ سَبْعَ سِنِينَ ، يَتَتَبَّعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بِعُكَاظَ وَمَجَنَّةَ وَالْمَوَاسِمِ بِمِنًى ، يَقُولُ : " مَنْ يُؤْوِينِي وَيَنْصُرَنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالاتِ رَبِّي ؟ " ، حَتَّى إِِنَّ الرَّجُلَ لِيَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ أَوْ مِنْ مِصْرَ فَيَأْتِيهُ قَوْمُهُ ، فَيَقُولُونَ : احْذَرْ غُلامَ قُرَيْشٍ ، لا يَفْتِنُكَ ، وَيَمْشِي بَيْنَ رِحَالِهِمْ وَهُمْ يُشِيرُونَ إِِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ ، حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ مِنْ يَثْرِبَ ، فَآوَيْنَاهُ وَصَدَّقْنَاهُ ، فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا وَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ ، وَيَنْقَلِبُ إِِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِِسْلامِهِ ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ إِِلا فِيهَا رَهْطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الإِِسْلامَ ، ثُمَّ إِِنَّا اجْتَمَعْنَا ، فَقُلْنَا : حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ ؟ فَرَحَلَ إِِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلا ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ ، فَوَاعَدْنَاهُ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ ، فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهَا مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ ، حَتَّى تَوَافَيْنَا ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، عَلامَ نُبَايِعُكَ ؟ قَالَ : " تُبَايعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ ، وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَنْ يَقُولَهَا لا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِيَ ، وَتَمْنَعُونِي إِِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ ، وَلَكُمُ الْجَنَّةُ " ، فَقُمْنَا إِِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ مِنْ أَصْغَرِهِمْ ، فَقَالَ : رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ ، فَإِِنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الإِِبِلِ إِِلا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ إِِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُنَازَعَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً ، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ ، وَأَنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ ، فَإِِمَّا أَنْ تَصْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ ، وَإِِمَّا أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جُبْنًا ، فَبَيِّنُوا ذَلِكَ فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ ، فَقَالُوا : أَمِطْ عَنَّا ، فَوَاللَّهِ لا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أَبَدًا ، فَقُمْنَا إِِلَيْهِ ، فَبَايَعْنَاهُ ، فَأَخَذَ عَلَيْنَا ، وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَنَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ .