وحكى أبو العباس أن رؤبة قيل له: كيف أصبحت؟ فقال: خير، عافاك الله! أي بخير، فحذف الباء، وأنشدوا قول الشاعر1:
رسم دار وقفت في طلله
... كدت أقضي الغداة من جلله2
أي رب رسم دار.
فأما قولهم "لاها لله ذا" فإنها صارت عندهم عوضا من الواو، ألا تراها لا تجتمع معها، كما صارت همزة الاستفهام في الله إنك لقائم عوضا من الواو، وهذا كأنه أسهل من الأول، وكلاهما لا يجوز القياس عليه.
واعلم أن هذه الباء قد زيدت في أماكن. ومعنى قولي زيدت أنها إنما جيء بها توكيدا للكلام. ولم تحدث معنى، كما أن "ما" من قوله عز اسمه: {فَبِمَا نَقْضِهِم} النساء: 155 ، و {عَمَّا قَلِيل} ، و {مِمَّا خَطِيئَاتِهِم} ، إنما تقديره: فبنقضهم، وعن قليل، ومن خطيئاتهم، ونحو ذلك قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} الزمر: 36 3 تقديره: كافيا عبده، وقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} أي ألست ربكم؟، {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} 4 يوسف: 17 أي مؤمنا لنا، {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} الشعراء: 114 ، أي طارد المؤمنين.