هكذا مذهب سيبويه، وهو الصحيح، وقد نص عليه في باب ما لا ينصرف، فقال: لو سميت بهما رجلا لصرفتهما معرفة، ولو كانت للتأنيث لما انصرف الاسم.
على أن سيبويه قد تسمح في بعض ألفاظه في الكتاب، فقال: هما علامتا تأنيث1، وإنما ذلك تجوز منه في اللفظ، لأنه أرسله غفلا2، وقد قيده وعلله في باب مالا ينصرف3.
والأخذ بقوله المعلل أولى من الأخذ بقوله الغفل المرسل.
ووجه تجوزه أنه لما كانت التاء لا تبدل من الواو فيهما إلا مع المؤنث، صارتا كأنهما علامتا تأنيث.
فإن قيل: فما علامة التأنيث في أخت وبنت؟
فالجواب أن الصيغة فيهما علم تأنيثهما، وأعني بالصيغة فيهما بناءهما على فعل وفعل، وأصلهما فعل، وإبدال الواو فيهما لاما4، لأن هذا عمل اختص به المؤنث.
يدل أيضا على ذلك إقامتهم إياه مقام العلامة الصريحة، وتعاقبهما على الكلمة الواحدة وذلك نحو: ابنة وبنت، فالصيغة في بنت قامت مقام الهاء في ابنة، فكما أن الهاء علم تأنيث لا محالة، فكذلك صيغة بنت علم تأنيثها، وليس بنت من ابنة كصعبة من صعب، إنما نظير صعبة من صعب ابنة من ابن.