وكذلك قولهم: قرب حذحاذ، وحثحاث: إذا كان سريعا، وهو طلب الماء، ليس أحدهما بدلا من صاحبه، لأن حثحاثا من قول تأبط شرا:
كأنما حثحثوا حصا قوادمه
... أو أم خشف بذي شث وطباق1
أي أسرعوا به، وحذحاذ: من معنى الشيء الأحذ، ويقال: صريمة2 حذاء: إذا كانت ماضية، وحذحاذ وإن لم تكن من لفظ أحذ، فإنها قريبة منه، ولا تجد هذين اللفظين إلا بمعنى واحد، وذلك نحو: ململت ومللت، ورقرقت ورققت، ألا ترى أن اتفاق معنيهما قد حمل البغداديين على أن قالوا إن الأصل في حثحثت: حثثت، وفي رقرقت: رققت.
وقرأت على أبي على عن أبي بكر عن العباس للفرزدق3:
تفيهق بالعراق أبو المثنى
... وعلم أهله أكل الخبيص
أأطعمت العراق ورافديه
... فزاريا أحذ يد القميص4
يصفه بالغلول وسرعة اليد، ومن هنا سمى الخليل "فعلن" في الكامل5: أحذ، لأن أصله "متفاعلن"، فلما حذف الوتد من آخره، وبقي "متفا"، فنقل إلى "فعلن". فلما قطع آخر الجزء، قل وأسرع انقضاؤه وفناؤه، فسماه أحذ لذلك.