وأيضا فلو كان المراد تأنيث الفعل دون فاعله لجاز قامت زيد ونحو ذلك.
ودليل ثالث، وهو أن أبا زيد1 أنشد2:
إذا ما كنت ملتمسا لغوث
... فلا تصرخ بكنتي كبير3
وأنشد أحمد بن يحيى4:
فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا
... وشر خصال المرء كنت وعاجن5
فقوله "كنتيا" معناه أنه يقول: كنت في شبابي أفعل كذ ا، وكنت في حداثتي أصنع كذا، وكنت: فعل، وفاعله التاء، ومن الأصول المستمرة أنك لو سميت رجلا بجملة مركبة من فعل وفاعل، ثم أضفت إليه، أي نسبت، لأوقعت الإضافة على الصدر، وحذفت الفاعل، وعلى ذلك قالوا في النسب إلى تأبط شرا: تأبطي، وفي قمت: قومي، حذفوا التاء، وحركت الميم بالكسرة التي تجتلبها ياء الإضافة، فلما تحركت رجعت الواو التي كانت سقطت لسكونها وسكون الميم، وتلك الواو عين الفعل من قام، فقلت: قومي، وكذا كان القياس أن تقول في كنت: كوني، تحذف التاء، لأنها الفاعل، وتحرك النون، فترد الواو التي هي عين الفعل من كنت، فقولهم: كنتي، وإقرارهم التاء التي هي ضمير الفاعل مع ياء الإضافة، يدل على أنهم قد