فأما قوله عز اسمه: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} 1 الجمعة: 8 فليست الفاء في "فإنه" زائدة، ولكنها دخلت لما في الكلام من معنى الشرط، فكأنه والله أعلم، إن فررتم منه لاقاكم.
فإن قال قائل: إن الموت ملاقيهم على كل حال، فروا منه أو لم يفروا، فما معنى الشرط والجواب هنا؟ وهل يصح الجواب بما هو واقع لا محالة؟
فالجواب أن هذا على جهة الرد عليهم أن يظنوا أن الفرار ينجيهم، وقد صرح بهذا المعنى وأفصح عنه بالشرط الحقيقي زهير في قوله:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
... ولو رام أن يلقى السماء بسلم2
أي إن اعتقد أن التحرز ينجيه من الموت، كان ذلك أدعى لوقوع الموت به على جهة الرد عليهم، وإبطال ظنهم.