وبهذا الإسناد أيضا:
لما اتقى بيد عظيم جرمها
... فتركت ضاحي كفه يتذبذب1
فالفاء في هذين البيتين زائدة.
وهذا فصل اعترض الكلام، فلنحكمه، لنعرف مذهب العرب فيه، ثم نعود إلى بقية ما في الفاء.
اعلم أن الحروف لا يليق بها الزيادة ولا الحذف، وأن أعدل2 أحوالها أن تستعمل غير مزيدة ولا محذوفة. فأما وجه القياس في امتناع حذفها من قبل أن الغرض من الحروف إنما هو الاختصار، ألا ترى أنك إذا قلت: ما قام زيد، فقد نابت "ما" عن "أنفي" وإذا قلت: هل قام زيد؟ فقد نابت هل عن "أستفهم"، فوقوع الحرف مقام الفعل وفاعله غاية الاختصار، فلو ذهبت تحذف الحرف تخفيفا لأفرطت3 في الإيجاز4، لأن اختصار المختصر إجحاف5 به.
فهذا وجه، وأما وجه ضعف زيادتها فمن قبل أن الغرض في الحروف الاختصار، كما قدمناه، فلو ذهبت تزيدها، لنقضت الغرض الذي قصدته، لأنك كنت تصير من الزيادة إلى ضد ما قصدته من الاختصار، فاعرف هذا.