فإن أبا علي حكاه على الشيخ أبي بكر1 رضي الله عنه، وهو نهاية في معناه، ولولا أن في الحرف إذا زيد ضربا من التوكيد، لما جازت زيادته البتة. كما أنه لولا قوة العلم بمكانه، لما جاز حذفه البتة، فإنما جاز فيه الحذف والزيادة من حيث أريتك على ما به من ضعف القياس. وإذا كان الأمر كذلك، فقد علمنا من هذا أننا متى رأيناهم قد زادوا الحرف فقد أرادوا غاية التوكيد، كما أنا إذا رأيناهم حذفوا حرفا، فقد أرادوا غاية الاختصار ولولا ذلك الذي أجمعوا عليه واعتزموه، لما استجازوا زيادة ما الغرض فيه الإيجاز، ولا حذف ما وضعه على نهاية الاختصار، فقد استغني عن حذفه بقوة اختصاره.
واعلم أن الفاء قد يجاب بها سبعة أشياء2: وهي الأمر، والنهي، والاستفهام، والنفي، والدعاء، والتمني، والعرض.
فالأمر نحو قولك: قم فأقوم. قال الشاعر:
يا ناق سير عنقا فسيحا
... إلى سليمان فنستريحا3
والنهي نحو قولك: لا تشتمه فيشتمك، قال الله عز وجل: {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} طه: 61 4.