وذهب الفراء إلى أن نون التثنية إنما دخلت فرقا بين رفع الاثنين ونصب الواحد. ومعنى ذلك أنك إذا قلت "عندي رجلان" فلولا النون لالتبس بقولك: ضربت رجلا، فإذا جاءت النون أعلمتك أن الكلمة مثناة، وأنها ليست واحد منصوبًا.
وهذا القول عندنا على نهاية الخطل1 والضعف والفساد، وله وجوه كثيرة تفسده، وتشهد ببطلانه، منها: أنك لو قلت على قوله ومذهبه: قام الرجلان، بلا نون، لم يلتبس هذا بالواحد المنصوب، وذلك أنك لا تقول ضربت الرجلا، بالألف، إنما تقول: ضربت الرجلَ، بغير ألف، فلو كان الأمر على ما ذكره لقلت قام الرجلا، فأتيت بالألف علمًا للتثنية، ولم تخف لبسًا على ما قدمناه.
فإن قال قائل: إن من العرب من يقف على ما فيه لام المعرفة في موضع النصب بالألف، فيقول ضربت الرجلا، فدخلت النون فرقًا بين رفع الاثنين ونصب الواحد على هذه اللغة.
فالجواب: أن هذه لغة من الشذوذ والقلة على حال لا ينبغي أن يجتمع جميع العرب على مراعاتها وتخوف اللبس فيها، وإنما يقولها قوم هم من القلة بحيث لا يعتدّون خلافًا، فضلا عن أن تجتمع العرب كلها قاطبة على تخوف الإشكال في لغتهم، فأما قوله عَزَّ اسْمُهُ: {وَتَظُنّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} الأحزاب: 10 2، و {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} الأحزاب: 67 3، فإنما ذلك على إشباع الفتحة للوقف على رءوس الآي، كما قرأت القراء: "والليل إذا يسْرْ" الفجر: 4 4، و {ذَلِكَ