ألا ترى أن "أيام" مضافة إلى المبتدأ والخبر في المعنى، وأن تقديره: أيام جمل أكرم بها خليلا. وغير مستنكر في غير هذا البيت أن تضاف "أيام" إلى المفرد نحو: أيام زيد، وأيام عمرو، وأيام الشباب، وأيام السرور، فإن يحذف خبر المبتدأ من الجملة المضاف إليها من الظروف ما لا يضاف إلا إلى الجملة أجدر، لأن الدلالة عليه أقوى.
ونظير هذا ما ذهب إليه أبو العباس في قول الآخر:
طلبوا صُلْحَنَا وَلاتَ أوانٍ
... فأجَبْنا أنْ لَيْس حِينَ بَقَاءِ1
وذلك أنه ذهب إلى أن كسرة أوان ليست إعرابًا، ولا علمًا للجر، ولا أن التنوين الذي بعدها هو التابع لحركات الإعراب، وإنما تقديره عنده أن "أوان" بمنزلة "إذ" في أن حكمه أن يضاف إلى الجملة نحو قولك: جئتك أوانَ قام زيد، وأوانَ الحجاجُ أمير، أي: إذ ذاك كذلك، قال: فلما حذف المضاف إليه "أوانَ" عوض من المضاف إليه تنوينًا. والنون عنده كانت في التقدير ساكنة كسكون ذالِ "إذْ" لالتقاء الساكنين. فهذا شرح هذه الكلمة، وقول أبي العباس هذا غير مرضٍ، لأن أوانًا قد يضاف إلى الآحاد، نحو قوله:
هذا أوانُ الشدِّ فاشتدي زِيَمْ2
وقوله:
فهذا أوانُ العِرْضِ
.... ... ............3
وغير ذلك.