وقال الآخر1:
فما حَوَتْ نُقْدةُ ذاتُ الحرين
... إلى كَرِيبٍ فنخيل يَبْرِين2
وليست "حرة" ولا "إحرة" ولا "إوزة" مما حذف شيء من أصوله، ولا هو بمنزلة "أرض" في أنه مؤنث بغير هاء.
فالجواب: أن الأصل في "إحرة: إحررة" وفي "إوزة: إوززة" وكلتاهما "إفعلة" ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد، فأسكنوا الأول منهما، ونقلوا حركته إلى ما قبله، وأدغموه في الذي بعده، فلما دخل الكلمة هذا الإعلال والتوهين عوضوها منه أن جمعوها بالواو والنون، فقالوا: "إحَرُّون" و"إوَزُّون" ولما فعلوا ذلك في "إحرة" أجروا عليها "حرّة" فقالوا: "حرُّون وإن لم يكن لحقها تغيير ولا حذف، لأنها أخت "إحرة" من لفظها ومعناها، وإن شئت فقل: لأنهم قد أدغموا عين "حرة" في لامها، وذلك ضرب من الإعلال لحقها.
فإن قلت: فما بالهم قالوا3:
قد رَوِيَتْ إلا دُهَيْدِهِينا
... قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرِينا4
فجمعوا تصغير "دَهْداهٍ" وهو الحاشية من الإبل و"أبيكرا" تصغير "أبكر" بالواو والنون، وليسا من جنس ما ذكرت؟