يا عجبا لقد رأيت عجبا
… حمار قبّان يسوق أرنبا
خاطمها زأمّها أن تذهبا (1)
فهمز: زأمّها، والأصل فيه: زامّها، فهمز الألف ليمكّن دخول الحركة عليها، وإنما همزها دون أن يبدلها حرفا آخر؛ لأن أقرب الحروف من الألف الهمزة، وربما تكلّم بعض العرب بمثل هذا فرارا من التقاء الساكنين، كنحو " دأبة " و " ضألّ "؛ لأن الألف ساكنة، والحروف الأول من الحرف المشدّد ساكن، فيكرهون الجمع بين ساكنين.
وروي عن أبي زيد أنه قال: صلّيت خلف عمرو بن عبيد في الفجر فقرأ: وَلَا الضَّالِّينَ فقلت: ولم فعلت هذا؟ فقال: كرهت أن أجمع بين ساكنين.
ومن ذلك قوله:
لها أشارير من لحم تتمّره
… من الثّعالي ووخز من أرانيها (2)
أراد: " أرانبها " و " من الثعالب " غير أنه كره إبقاء الباء في الحرفين، فيلزمه تحريكها، وتحريكها يكسر الشعر، فأبدل منها حرفا لا يحرّك، وشبّهها بقولهم: " تظنّيت " و " تقصّيت " في معنى: " تظنّنت " و " تقصّصت "، أبدلوا ياء من الحرف الأخير، لما كرهوا التضعيف، وكذلك أبدلوا " ياء " مما ذكرنا لما احتاجوا إلى استقامة الوزن وسلامة الإعراب.
ومثله:
وبلدة ليس لها حوازق
… ولضفادي جمّها نقانق (3)
أراد: ولضفادع جمّها.
ومن ذلك قولهم:
والله أنجاك بكفّي مسلمه
… من بعد ما وبعد ما وبعدمه (4)
فأبدل الألف هاء في " بعدمه "؛ لأنّهما متقاربتا المخرج، وهما بعد من حروف الزيادة، والهاء شبيهة بالألف، ألا ترى أنه يفتح ما قبلها في التأنيث، كما أن الألف