والثاني: أن يعرف من عادته مقابلة الإساءة بالإحسان، فيظهر -مع معرفة هذه العادة -بطلان التعليل.
والثالث: أن لا تعرف له عادة بنفي ولا إثبات؛ فإذا أمره بالضرب، وقد عرف الشتم -: غلب على الظن أنه الداعي إليه.
وكذلك عادة الملوك في معاملة الجاسوس منقسم؛ فمنهم: من يقتل الجاسوس للزجر، ومنهم: من يعرض عنه لإظهار الاستهانة بالخصم، أو يستميل ليستكشف عورات العدو منه.
فلو فرضنا ملكاً حديث العهد بالملك، عثر على جاسوس، فقتله -لم نسترب في أنه قصد به مقصد العقاب على تجسسه، ولو أعرض عنه-مع العلم والقدرة على العقاب -واستمال، ولم تسترب في أنه قصد به مقصد الاستمالة: للاستكشاف، ويتنبه العقل لداعيه تنبهاً ظنياً، إن لم يكن قطعياً.
فإن قيل: إنما يعرف ذلك بملاحظة سائر الملوك، وأن الغالب: أن مسالكهم تتفق في ذلك، وكذلك الأمر بالضرب للشتائم، يعرف أن