فطلبهم هذه المناسبة هي الدلالة الظاهرة على أنهم لم يروا الاختراع للمصالح؛ بل تشوفوا إلى التصرف في موارد الشرع، بضروب من التقريب والمناسبة.
فإن قيل: ومن سكر اقتحم جميع الفواحش؛ فلم خصص القذف بالاعتبار؟
قلنا: لمعنيين، أحدهما: التشوف إلى الأقل؛ والثاني: أن خاصية السكر الهذيان وانطلاق اللسان؛ فإنه الفاحشة اللازمة لذات السكران، التي تستتب من غير أداة منفصلة، وآلة زائدة عليه. فالزنا والسرقة والقتل، كل ذلك: يتعلق بالغير، ولا يستتب إلا بأنواع من الحيل عمادها الحزم والعقل. ولا ينتظم ذلك من السكران. فأما الهذيان، فهو الذي يغلب على السكران. فاختلال العقل لا يمنع انطلاق اللسان؛ وأخص الفواحش بالسكر: الهذيان، والجناية المخصوصة باللسان؛ فكان مظنة له بهذا الطريق.
فإن قيل: فالردة من فواحش اللسان، ومن جملة الهذيان؛ وقل ما ينفك عن اللهج به من غلبه السكر.
قلنا: لم يجعل مظنة له من وجهين:
أحدهما: أن الواجب بها القتل، وهو أعلى العقوبات، وشرع