وكذلك قوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا}، فهو تنبيه على إضافة الإباحة إلى العدم، ولكن إلى العدم لعينه حتى يقتصر عليه، أو لمعنى يتضمنه، وهو: العجز الحاصل به، حتى يتعدى إلى من وجد ماء ومنعه منه حائل أو افتقر إليه للسقية ن أو افتقر في تحصيله إلى تفويت مال كثير أو ارتكاب خطر غيره؟
وهلم جراً إلى كل مسلك من مسالك التنبيهات دل على إضافة الحكم إلى وصف، فهذا الوجه من النظر جار فيه، وليس فيه تعطيل.
فإنا نقول: الحكم معلل بالغضب، ولكن لا لعينه، بل لمعنى يتضمنه. فأصل التعليل قائم ولكن جعل الغضب -بحكم الدليل -كناية عن ضعف العقل، لأنه يلازمه غالباً. فلم يكن ذكره لغواً، بل كان مفيداً معتبراً بهذا الطريق.
وغرضنا أن التنبيه الذي ذكرناه صريح في أن الوصف المذكور لا سبيل إلى جعله لغواً، بل لابد من اعتباره. نعم لاعتباره طرق، وجعله كناية عن معنى يتضمنه ليس في إلغاؤه، وهذا كما أن النهي عن الشيء مطلقاً صريح في تحريم المنهي عنه أو كراهيته؛ ولكن قد يدل